Availability: In Stock

لا رهبة من الماضي

د.ت17.00

إنّ قراءة الواد لتاريخ البلاد في روايته هذه هي قراءة تستهدف مواطن الخلل في ما حدث
من تغييرات بعد تهافت نظام ما سمّاه سالم العهد البارك، وقد ربطها بماض خرب هو
سبب الحاضر المتوحشّ. يواصل الواد ما بدأه في كتاباته الروائية السابقة من استنطاق
تاريخ تونس المعاصر بالسرد الروائي بدءا من عهد الحماية حتى العشرية الثانية من
القرن الواحد والعشرين. وهو استنطاق عرّى فيه المستور من مظاهر الزيف والقهر
والاضطهاد في السياسة والاجتماع والتعليم وغيرها من المجالات.

 

Category:

الوصف

 

ما كتب عن هذا العمل

كانت أعمال حسين تمرّ على مراحل متعدّدة الأطوار: فهي تبدأ بخواطر شخصيّة ذاتيّة لا يشاركه فيها أحد، قبل أن يبوح بسرّها للأقرباء متحسّسا ردودهم، لتتحوّل بعد ذلك إلى نصّ
يقرؤه الأصفياء ويغربلونه فيتّبعهم الفنّان الأديب مطمئنّا إلى أحكامهم مرّات ومرّات قبل أن يأخذ قراره بغلق العمل على صيغة أخيرة.
كانت العادة أنّ الصيغة الأخيرة لأعماله تمرّ بيني وبين أستاذنا توفيق بكّار. في هذه المرّة لم يكن أستاذنا حاضرا. ولو كان بيننا، لجازفت تحت رقابته بتحسينات أسلوبيّة وفنّيّة تجعل الرواية أسبك، وأغراضها أوضح. أمّا وقد رحل كالمتواعدين، لم يبق لي غير التصدير، وقد كتبنه، وغير هذا التذييل. وها أنا له بكلمات غرضها رفع التباس ممكن، يبعدها عن صمت المؤرّخ الحزين، الذي بدأ في الروائح على غير ما انتهى إليه في الغربان. ليست هذه الرواية بالمنقطعة عن «روائح المدينة» المنتهية ظاهرا بـ»الغربان». فإن كان
ظاهرها قصّة أصدقاء ثلاثة فشلوا في الحبّ والزواج، فإنّ حقيقتها أنّها قصّة أصناف ثلاثة من جيل عشق تونس وحلم لها بمصير غير ما هي عليه اليوم. إن كانت «الروائح» وصفا شعريّا لوجدان، وندبة ساخرة مريرة من مؤرّخ حزين أضنته مقامات التعفّن والفساد وما تنشره من رياح كريهة، وأحداث جعلت البلاد ماخورا سوقيّا متّسع الأرجاء متنوّع العهر والقيادة عبر أربعة عهود من تاريخها الحديث، عهد البايات والاستعمار والاستقلال والتغيير المبارك، وإن كانت «الغربان»، عهدا خامسا فجّر النقرة العفنة المغطّاة، بثورة ليس لها من فضل غير تعرية العورات الحقيقيّة التي تخفيها طبقات الشعب وتنسبها نفاقا للنظام وحده، لتجعل البلاد كالجثّة الحيّة الجريحة تنعق فوقها نواعق الأفراد والأحزاب والجماعات، فإنّ هذه الرواية اليتيمة الثكلى جرت كارتداد الصدى من الموضوع إلى الذات. فليس المسؤول في هذه الرواية دولا وأنظمة طواها التاريخ، ولا شعبا منافقا فضح نفسه لمّا افتكّ الحكم له، فأظهر دناءة فساده، ودناءة أنويّاته، وسخافة حقوقه، واستعداده لكلّ غنم على حساب الوطن. صار المسؤول في هذه الرواية جيل الراوي، وجيل المؤرّخ الحزين؛ هذا الجيل الذي رفض ألاستبداد وعارضه، قبل أن يفهم أنّ الشعب، هذا الشعب، غير مؤهّل لتسيير ذاته وحفظ مكتسباته، بل مؤهّل لإنبات الاستبداد، ونشر الرداءة والفساد. هذا الجيل الذي آمن بالتعليم حلا وحيدا، وعشق البلاد عشق العبادة، هو المسؤول عن فشله في هذه الرواية، والمتسائل النابش لقبر مثله، وجثث قيمه، عن سرّ فشله في عشق تونس، وسرّ انتصار الآخرين الخارجين من بطنها العفن العابق بالروائح. تونس في هذه الرواية أنثى حبيبة، تظهر ما لا تبطن، وتنصاع لوليّها المستهتر والوصوليّ والمتحايل وتهرب من العاشق المقدّس لها لترمي جسدها المغتصب لحما حلالا للغربان.

محمد صلاح الدين الشريف
جريدة المغرب 28/09/2020

معلومات إضافية

الأبعاد 13.5 × 20 سنتيميتر
الكاتب

الرقم التسلسلي

5-142-01-99387-978

تاريخ الاصدار

2019

نقاط التوزيع

,

مقتطف حسين الواد لا رهبة

Download